هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك المذحجي ثم العنسي أبو
اليقظان.

وكان عمار رضي الله عنه آدم طويلا مضطربا أشهل العينين، بعيد
ما بين المنكبين. وكان لا يغير شيبه وقيل: كان أصلع في مقدم رأسه شعرات.

وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام وهو حليف بني مخزوم.
وأمه سمية وهي أول من استشهد في سبيل الله عز وجل وهو وأبوه وأمه من السابقين. وكان
إسلام عمار بعد بضعة وثلاثين. وهو ممن عذب في الله.

وهاجر إلى المدينة وشهد بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حاله في الجاهلية:
قال الواقدي وغيره من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسرا والد
عمار عرني قحطاني مذحجي من عنس إلا أن ابنه عمارا مولى لبني مخزوم لأن أباه ياسرا
تزوج أمة لبعض بني مخزوم فولدت له عمارا..

وكان سبب قدوم ياسر مكة أنه قدم هو وأخوان له يقال لهما
الحارث ومالك في طلب أخ لهما رابع فرجع الحارث ومالك إلى اليمن وأقام ياسر بمكة
فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وتزوج أمة له يقال له: "
سمية " فولدت له عمارا فأعتقه أبو حذيفة فمن هنا صار عمار مولى لبني مخزوم وأبوه
عرني كما ذكرنا..

قصة إسلامه:
أسلم عمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم هو
وصهيب بن سنان في وقت واحد: قال عمار: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ورسول
الله صلى الله عليه وسلم فيها فقلت: أردت أن أدخل على محمد وأسمع كلامه. فقال: وأنا
أريد ذلك. فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا...

وكان إسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلا.
وروى يحيى بن معين عن إسماعيل بن مجالد عن مجالد عن بيان عن
وبرة عن همام قال: سمعت عمارا يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا
خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر..

وقال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله وأبو بكر
وبلال وخباب وصهيب وعمار وأمه سمية

واختلف في هجرته إلى الحبشة. وعذب في الله عذابا
شديدا.

أثر الرسول في تربيته:
ـ أخبر أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال:أخذ المشركون
عمارا، فلم يتركوه حتى نال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وذكر آلهتهم بخير،
فلما أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله. والله
ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال: " فكيف تجد قلبك "؟ قال: مطمئن
بالإيمان. قال: " فإن عادوا فعد ".

بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه
وسلم:

روى أبو بلج عن عمرو بن ميمون قال عذب المشركون عماراً بالنار
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر به فيمر يده على رأسه ويقول: "يا نار كوني برداً
وسلاماً" الأنبياء: 69، على عمار كما كنت على إبراهيم. تقتلك الفئة
الباغية".

ويحدث أبو إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال استأذن عمار على
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من هذا؟" قال عمار قال: "مرحباً بالطيب
المطيب"

بعض المواقف من حياته مع
الصحابة:

مع عمر:
روي أن عمر بن الخطاب عزل عمار بن ياسر عن الكوفة واستعمل أبا
موسى. وسبب ذلك أن أهل الكوفة شكوه وقالوا له: إنه لا يحتمل ما هو فيه وإنه ليس
بأمين، ونزا به أهل الكوفة. فدعاه عمر، فخرج معه وفدٌ يريد أنهم معه، فكانوا أشد
عليه ممن تخلف عنه، وقالوا: إنه غير كافٍ وعالم بالسياسة ولا يدري على ما استعملته.
وكان منهم سعد بن مسعود الثقفي، عم المختار، وجرير بن عبد الله، فسعيا به، فعزله
عمر. وقال عمر لعمار: أساءك العزل؟ قال: ما سرني حين استعملت ولقد ساءني حين عزلت.
فقال له: قد علمت ما أنت بصاحب عمل ولكني تأولت: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا
في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين) القصص: 5.

مع على:
يقول أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين مع علي فرأيت عمار بن
ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين غلا رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم يتبعونه كأنه علم لهم قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص: يا
هاشم تفر من الجنة!

الجنة تحت البارقة اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه والله لو
ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق وأنهم على الباطل.

وقال أبو البختري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة.
فأتي بشربة لبن فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " آخر شربة تشربها من
الدنيا شربة لبن " وشربها ثم قاتل حتى قتل.

وكان عمره يومئذ أربعا وتسعين سنة وقيل: ثلاث وتسعون وقيل:
إحدى وتسعون.

مع خالد بن الوليد:
يروي سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: وقع بين خالد بن الوليد
وعمار بن ياسر كلام فقال: عمار لقد هممت ألا أكلمك أبدا فبلغ ذلك النبي صلى الله
عليه وسلم فقال: " يا خالد مالك ولعمار رجل من أهل الجنة قد شهد بدرا وقال لعمار:
إن خالدا - يا عمار - سيف من سيوف الله على الكفار ". قال: خالد فما زلت أحب عمارا
من يومئذ.

أثره في الآخرين:
عبد الله بن عمر قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة
وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين أمن الجنة تفرون أنا عمار بن ياسر هلموا إلي وأنا
أنظر إلى أذنه قد قطعت فهي تدبدب وهو يقاتل أشد القتال.

بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى صلى
الله عليه وسلم:

وروي عن الحسن بن أبي الحسن عن عمار بن ياسر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق
والجنب إلا أن يتوضأ.

ـ وعن يحيى بن يعمر عن عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص
للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة

وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح..
مناقبه:
أنه أول من بنى مسجدا في الإسلام.
فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن الحكم بن عتيبة قال: قدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم المدينة أول ما قدمها ضحى فقال عمار: ما لرسول الله صلى
الله عليه وسلم بد أن نجعل له مكانا إذا استظل من قائلته ليستظل فيه ويصلي فيه:
فجمع حجارة فبنى مسجد قباء فهو أول مسجد بني وعمار بناه..

وعن عمرو بن شرحبيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عمار
ملئ إيماناً إلى مشاشه".

روي أن حذيفة أتى وهو ثقيل بالموت، فقيل له: قتل عثمان فما
تأمرن؟ فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: " أبو اليقظان على الفطرة
" ثلاث مرات " لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم ". أبو نعيم: حدثنا سعد بن أوس عن
بلال بن يحيي، أن حذيفة أتي وهو ثقيل بالموت، فقيل له: قتل عثمان فما تأمرن؟ فقال:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: " أبو اليقظان على الفطرة " ثلاث مرات
" لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم ".

موقف الوفاة:
روى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو
لا يسل سيف. وشهد صفين ولم يقاتل وقال: لا أقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية". فلما قتل عمار قال
خزيمة: ظهرت لي الضلالة. ثم تقدم فقاتل حتى قُتل.

ولما قُتل عمار قال: " ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم
"

وقد اختلف في قاتله فقيل: قتله أبو الغادية المزني وقيل:
الجهني طعنه طعنة فقط فلما وقع أكب عليه آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كل منهما
يقول: " أنا قتلته ". فقال عمرو بن العاص: والله إن يختصمان إلا في النار والله
لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة وقيل: حمل عليه عقبة بن عامر الجهني وعمرو
بن حارث الخولاني وشريك بن سلمة المرادي فقتلوه.

وكان قتله في ربيع الأول أو: الآخر - من سنة سبع وثلاثين
ودفنه علي في ثيابه ولم يغسله. وروى أهل الكوفة أنه صلى عليه وهو مذهبهم في الشهيد
أنه يصلي عليه ولا يغسل.