لا أعلم كلمة في قاموس العربية تعبر عن الحب
مثل كلمة ( الحب )
فليس هناك أصدق من ( الحاء والباء )
في دلالتهما
على هذا المقصود العظيم ،
فالحاء تفتح الفم فيبقي فارغا حتى تأتي الباء
فيضم الفم وتطبق الشفتان ،
الحب ماء الحياة ،وغذاء الروح ، وقوت
النفس .تعكف الناقة على حوارها بالحب ،
ويرضع الطفل ثدي أمه
بالحب وتبني الطيور عشها بالحب ،بالحب تشرق الوجوه ،
وتبتسم الشفاه
وتتألق العيون .
الحب قاض في محكمة الدنيا ، يحكم للأحباب ولو جار
،ويفصل في القضايا لمصلحة
المحبين ولو ظلم
بالحب وحده تقع
جماجم المحاربين على الأرض كأنها الدنانير ،لأنهم أحبوا
مبدأهم ،
وتسيل
نفوسهم على شفرات السيوف ، لأنهم أحبوا رسالتهم
بالحب
يثور النائم من لحافه الدافئ ، وفراشه الوثير لصلاة الفجر ،بالحب
يتقدم
المبارز إلى الموت مستثقلا الحياة ،
بالحب تدمع العين ، ويحزن
القلب ،ولا يقال إلا ما يرضي الرب ،
الحب كالكهرباء في التيار يلمس
الأسلاك فإذا النور ،هههههههه مو طبيعى لا
ويوم
ينتهي الحب يقع الهجر والقطيعة في العالم ، وسوء الظن والريبة في
الأنفس
،
والانقباض والعبوس في الوجوه ،
يوم ينتهي الحب لا يفهم الطالب
كلام معلمه العربي المبين ،
يوم ينتهي الحب تهجر النحلة الزهر ،
والعصفور الروض ، والحمام الغدير ،
يوم ينتهي الحب تقوم الحروب ، ويشتعل
القتال ، وتدمر القلاع وتدمر الشعوب،
وتدك الحصون ، وتذهب الأنفس
والأموال ،
ويوم ينتهي الحب تصبح الدنيا قاعا صفصفاً ،
والوثائق
صحفا فارغة ، والبراهين أساطير ، والمثل ترهات ! .
لا حياة إلا بالحب ،
ولا عيش إلا بالحب ، لا بقاء إلا بالحب ،
إذا أحببت شممت عطر الزهر ،
ولمست لين الحرير ، وذقت حلاوة العسل ،
ووجدت برد العافية ، وحصلت أشرف
العلوم ، وعرفت أسرار الأشياء كلها .
وكلمة ( حب ) كلمة عامرة ،
لها
أنداء وأفياء وظلال وأبعاد
وهي كلمة مؤنسة مشجية منعشة مشوقة ،
بل
هي معجبة مطربة مغرية ، لكنها ذائعة شائعة ،
غير أنها خفيفة لطيفة شريفة
وفيها نضارة .
كلمة (حب ) عالم من المودة والصلة والأنس والرضى والراحة
،
الدين الاسلامي دين الحب
الإسلام نفسه هو
دين الحب
والواقع أن الحب ورد في القرآن الكريم أكثر من ( 83 )
مرة
قال الله تعالى ((وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ
}{البقرة: من
الآية 165}
{ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكَافِرِينَ }{المائدة
وهو أجمل المشاعر الإنسانية البشرية
على الإطلاق.
حتى في العبادة الله سبحانه وتعالى يعبد بالحب ويعيد
بالخوف ويعبد بالرجاء
لكن عبادة الله سبحانه وتعالى بالحب هي أعظم هذه
المعاني
ولذلك في الجنة يذهب الخوف
ويذهب الرجاء لأن كل ما
يريدون فهو موجود ولا يخافون شيئا ولا يحزنون
ولكن يبقى الحب هذا دليل
على شرف هذا المعنى
وأنه نعيم في الدنيا ونعيم في الآخرة
ومعنى عظيم
وأهل الجنة يحبون ربهم ويتمنون رؤيته يتمتعون بحريته وسماع
كلامه إليهم
جل وتعالى .
فالحب هو أقوى رابطة بين العبد وربه{ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ } (54)
سورة المائدة )
هو أقوى رابطة بين الأبوين
بين
الأخوة والأخوات
بين الأزواج والزوجات
وبين البشر هو أقوى علاقة
أقوى من علاقة القرابة
وأقوى من علاقة المصلحة وأقوى من أي علاقة أخرى.
ولذلك
أقول إن الحب هو غريزة فطرية عند الناس جميعاً.