(... 36هـ)
الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، أبو عبد
الله، أمه صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها،
يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد الخامس (قصي)، صحابي جليل،
وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم وعمره خمس عشرة سنة أو أقل، هاجر
إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة ومعه أمه صفية بنت عبد المطلب، شارك في
الغزوات كلها، وكان أحد الفارسين يوم بدر. وكان ممن ثبتوا يوم أحد، وشهد
له رسول الله صلى الله عليه وسلم يومها أنه شهيد، وكانت معه إحدى رايات
المهاجرين يوم الفتح، كما قال صلى الله عليه وسلم عنه [إن لكل نبي حوارياً
وحواريّ الزبير]، وهو أحد الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو عنهم راضٍ، وأحد الستة الذين رشحهم عمر للخلافة بعده وهم أهل الشورى،
تزوج أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما، وولده عبد الله منها أول مولود
للمسلمين بعد الهجرة، اخترق الزبير بن العوام رضي الله عنه صفوف الروم يوم
اليرموك مرتين من أولهم إلى آخرهم، وكان ممن دافعوا عن عثمان رضي الله
عنه، فلما كان يوم الجمل خرج مطالباً بدم عثمان رضي الله عنه، فذكّره عليٌ
بأن الرسول صلى الله عليه وسلم [أخبره أنه يقاتل علياً وهو ظالم له]، فرجع
عن القتال وكر راجعاً إلى المدينة، ومر بقوم الأحنف بن قيس وقد انعزلوا عن
الفريقين، فاتبعه عمرو بن جرموز في طائفة من غواة بني تميم، فقتلوه غدراً،
وهو نائم في وادي السباع، وعمره يومها سبع وستون سنة، وكان في صدره رضي
الله عنه أمثال العيون من الطعن والرمي من أثار المعارك التي خاضها في
سبيل الله، فرثته زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل:
غَدَرَ ابن جرموز بفارس بهمة --- يومَ اللقاءِ وكان غر معرد
كم غمرةٍ قد خاضها لم يثنه --- عنها طرادك يا ابن فقع ِالعردد
ولما قتله ابن جرموز احتز رأسه وذهب به إلى عليّ رضي الله عنه، ليحصل له
به حظوة عنده فاستأذن فقال عليّ: لا تأذنوا له وبشروه بالنار، فقد سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [بشر قاتل ابن صفية بالنار]، ثم دخل
ابن جرموز ومعه سيف الزبير رضي الله عنه، فقال عليّ: إن هذا السيف طالما
فرّج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيروى أن عمرو بن جرموز
لما سمع ذلك قتل نفسه في الحال.
كان الزبير فقيراً لما تزوج أسماء رضي الله عنها، ولكنه بعد ذلك جمع مما
أفاء الله عليه من الجهاد ومن خمس الخمس ما يخص أمه منه، فكان يضرب له
بأربعة أسهم: سهم له، وسهمين للحصان، وسهم لذي القربى أي لأمه، كما جمع من
التجارة المبرورة، وصار له مالاً كثيراً بلغ عند وفاته رضي الله عنه أكثر
من ستين مليون درهم. وترك من الذرية واحداً وعشرين من الذكور والإناث،
وكان له أربع زوجات رضي الله عنهم أجمعين. وما ولي إمارة قط، ولا جباية،
ولا خراجاً. وكان كثير الصدقات، وقد أوصى له سبعة من الصحابة منهم عثمان
وعبد الرحمن وابن مسعود وأبو العاص بن الربيع رضي الله عنهم، فكان ينفق
على أبنائهم من ماله ويحفظ عليهم أموالهم. وكان له ألف غلام يؤدون إليه
الخراج، فلا يدخل إلى بيته شيئاً من ذلك، ويتصدق به كله. ولما قتل عمر بن
الخطاب رضي الله عنه؛ محا نفسه من الديوان، ورفض أن يأخذ العطاء الذي كان
مخصصاً له من بيت المال.
مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
انظر:
1 - البداية والنهاية (7/260).
2 - الوافي بالوفيات، صلاح الدين الصفدي، (14/ 180).
3 - الأعلام للزركلي، (3/43).